الفرق بيـن الخـآطـرهـ والقصيدهـ
أكتب لكم اليوم لأحدثكم عن فنيّن ... من أروع فنون أدبنا العربي ... ومن أكثرها انغماساً في بحر المشاعر والعواطف ... وأكثرهما بلاغة وتعبيراً ...
فهما أشبه باللوحة الفنية التي يرسمها لنا الأديب فيصنع من الكلمات أصواتاً وألواناً ...
فتترائ لنا تلك اللوحة وهي تمر متحركةً على مخيلتنا مفعمةً بالحيوية والجمال ...
فن الخاطرة وفن القصيدة النثرية ...
فبين سطور هذين الفنين ... نجد العواطف الجياشة ومشاعر الفرح والحزن ...
والراحة والألم والصحوّ والوسن ...
وفي منتدآنـا كثير من الأقلام الذهبية التي تسبر أغوار محيطات هذين الفنين ...
وتسطر أروع أنواع المؤلفات وأصدقها مشاعر ...
وهئنذا أكتب لكم اليوم هذا الموضوع البسيط والسهل بإذن الله ...
لنقرب الفكرة للمبتدئين في المجال الأدبي ... قرّاء وكتّاب ... لندفعهم للتقدم على الطريق الصحيح ولنساعد من نسي على تذكر معالم هذين الفنين الذين هما من أروع الفنون وأرقاها ...
الفرق بين الخاطرة والقصيدة النثرية ...
الخاطرة ...هي كم أدبي ... يكتب على هيئة فقرة ... أو فقرات ..
. تشكل دفقات عاطفية من الأحاسيس ... وقد تراعى في ما بين بعض الجمل الأوزان والمقاطع ... وقد لا تراعى ... ففن الخاطرة هو أقرب إلى فن المقال .
.. عدا أن المقال يسلط الضوء على مشكلة ويقترح حلولاً لها فيما تسلط الخاطرة
الضوء على موضوع ... أو عاطفة أو إحساس ... ولا تقدم إقتراحات بشأنه ...
مثال لخاطرة ...
"قرين النفس المرجو ... بعد دعائي، أزف لك كل التحيات الخالصة بالتوفيق من لدن حكيم عليم ...
لا أقول لك أني باحثة عن حب ودفء ترتجيه كل إنثى في هذا الوجود ، انما كانت لي صلة بالله سبحانه وتعالى منذ أن تفتحت عيناي على الظلم ، وأنا أرى شراع السفينة يحملني بعيداً ... بعيداً عن ديار الطفولة إلى أرض الغربة .. ملأت أنفاسي رائحة الدماء تفوح من نحر أخي الصغير وقد أفرغ الجندي الإسرائيلي الرصاص في رأسه وأرداه قتيلاً ..."
من خاطرة في رواية عندما يفكر الرجل ... للكاتبة المبدعة خولة القزويني ...القصيدة النثرية ...
القصيدة النثرية هي صورة محدثة للشعر التقليدي ... حيث تم تجنب المظاهر الرتيبة للشعر التقليدي إلا أن القصيدة النثرية تخدم نفس أهداف أختها التقليدية ... ولا يتعدى هذا النمط كونه وسيلة لتحرير الشاعر من قيود الوزن والتفعيلة والقافية ...
حيث في القصيدة النثرية تتشابه أوزان الأسطر وتختلف أوزان المقاطع ... وقد تكون القصيدة متوحدة الوزن والقافية كلياً ... أو مقطعياً ... أو قد تكون متنوعة القوافي والأوزان
... إلا أن ما يبقي لهذه الدفقة الأدبية إنطباع القصائد هو التوحد المقطعي السائد بين بعض الأبيات ببعضها أو بين بعض المقاطع ...
لاحظوا المقاطع والأوزان في القصيدة التالية لتتبين لكم الصورة ...
مثال لقصيدة نثرية
"عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ .. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجدافُ وَهْناً ساعةَ السحر...
كأنّما تنبضُ في غوريهما النجوم
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه و ارتعاشةُ الخريف
و الموتُ و الميلادُ و الظلامُ و الضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر
كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر ...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتُ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر
مطر
مطر
مطر"
من أنشودة المطر للشاعر بدر شاكر السياب ...وبعد هذا الموضوع البسيط ...
نأمل أن تكونوا قد حصلتم على فكرة عامة حول أبرز معالم الخاطرة والقصيدة النثرية
... وأبرز الإختلافات بينهما ...