خصائص .. نقد الشعر
الشعر وأنواعه/
1. الشعر التعليمي : وهو الشعر الذي تضمن عرض علم من العلوم ، ويخلو من عنصري العاطفة والخيال ، ويسمى عند العرب بالنظم .
2. الشعر القصصي (الملحمي) : وهو الشعر الذي نظمت به الملاحم الأسطورية الطويلة . وهي غير موجودة في شعرنا القديم ، ويرجع ذلك أن الوزن الشعري في الشعر العربي أكثر انضباطاً ، ولذا فإن تلك الملاحم هي بالنثر أشبه منها بالشعر ، كما أن ميل العرب إلى الإيجاز ، يحول دون قبولهم الإطالة الشديدة التي تقتضيها تلك الملاحم . أما العصر الحديث فهناك ملحمة عيد الرياض لبولس سلامة ، والإلياذة الإسلامية لأحمد محرم .
3. الشعر التمثيلي : وهو الشعر الذي يستعمل في الحوار المسرحي بدلاً من النثر .
4. الشعر الغنائي الوجداني : وهو الشعر الذي يعبر به الشاعر عن عواطفه الذاتية وأحاسيس وجدانه .
مقاييس نقد الشعر
يقوم الفن الأدبي (شعراً ونثراً) علىعنصرين أساسين هما : الشكل والمضمون ، والنقد الأدبي يدرس الشعر من خلال عناصر أربعة مهمة هي : المعنى ، والعاطفة ، وهما يدخلان تحت إطار المضمون ، كما يدرس الخيال والأسلوب ، وهما ينضويان تحت إطار الشكل .
أولاً : مقاييس نقد المعنى : يراد بالمعنى الفكرة التي تعبر عنها القصيدة . والشعر الذي يخلو من فكرة قيمة في تضاعيفه يعد شعراً قليل الجدوى والفائدة . ولا تقتصر قيمة المعنى على تعليمنا أمراً من أمور المعرفة ، بل تتعدى ذلك إلى أن يكون المعنى ذا تأثير قوي في نفوسنا ، وهذا يمثل غاية الأدب الأولى .
ومن أبرز مقاييس نقد المعنى ما يأتي :
1. مقياس الصحة والخطأ : لا بد من أن يلتزم بالحقيقة سواء أكانت تاريخية ، أم لغوية ، أم علمية ، لأن خطأ الشاعر في حقيقة من الحقائق يفسد شعره ، ويجعله غير مقبول من الناس .
2. مقياس الجدة والابتكار : فالمعاني الشعرية تكون لها مكانة نقدية متميزة حين تتصف بالطرافة والابتكار . وليس المقصود بذلك أن يقدم الشاعر معاني جديدة لم يسبق إليها ، فهذا صعب المنال في كثير من الأحيان ، ولكن المطلوب أن يتناول الشاعر معنى من المعاني فيقدمه بأسلوب يبدو فيه جديداً أو كالجديد .
3. مقياس العمق والسطحية : المعنى العميق هو ذلك المعنى الذي تجده يذهب بك بعيداً في دلالة معنوية عالية مؤثرة ، وتنثال على نفسك معانٍ وخواطر كثيرة يثيرها فيك ويستدعيها إلى ذهنك . ويكون عمق المعنى بسبب موهبة يتميز بها الشاعر بما يختص به من قدرة عقلية وملكة ذهنية وثقافة عالية . وتكون الأبيات عميقة المعنى إذا اعتمدت على الحكمة التي تمثل اختزال قدر كبير من التجربة الإنسانية وتقديمها في عبارة موجزة بليغة . وعلى النقيض من العمق هناك سطحية المعنى ، ونعني بها ذلك المعنى الذي تجده سهلاً جداً ، يعرفه أكثر الناس ولا مزية فيه .
ثانياً / مقاييس نقد العاطفة :
المراد بالعاطفة : الحالة الوجدانية التي تدفع الإنسان إلى الميل للشيء ، أو الانصراف عنه ، وما يتبع ذلك من حب أو كره ، وسرور أو حزن ، ورضى أو غضب .
ومن أبرز مقاييس نقد العاطفة ما يأتي :
1. مقياس الصدق والكذب : ابحث عن الدافع الذي دفع الشاعر إلى القول ، فإن كان هذا الدافع حقيقياً غير زائف كانت العاطفة صادقة ، وإن كان الدافع غير حقيقي كانت عاطفته كاذبة . وهذا الدافع يتوقف على مدى عمق التجربة الشعرية وهي الموقف الذي عاشه الشاعر في أثناء إبداع القصيدة .
2. مقياس القوة أو الضعف : إذا أثرت القصيدة في نفس قارئها ، وهزت وجدانه ، كانت عاطفتها قوية ، وإذا لم تترك أثراً في نفسه كانت عاطفتها ضعيفة . وترتبط قوة العاطفة ووضوح تأثيرها بطبائع الناس وأمزجتهم ، فمنهم من يتأثر بالرثاء ومنهم من يتأثر بالغزل ، ومنهم من يتأثر بالفخر أو المدح وهكذا .
على أن قوة العاطفة ليس معناها أن يكون المعنى بطولياً كبيراً ، وأن تكون الالفاظ ذات قوة ، وصدى ، بل إن قوة العاطفة لتبدو في بعض موضوعات الذكرى ، والحزن ، والألم ، وهي موضوعات يعبر عنها بكلمات دافئة رقيقة .
ثالثاً / مقاييس نقد الخيال :
الخيال هو الملكة الفنية التي تصنع الصورة الأدبية ، وهو عنصر أصيل في الأدب كله ، وفي الشعر بوجه خاص . وهو يقل في شعر الحكمة مثلاُ ، ويكثر في الأغراض الأخرى للشعر الوجداني .
وتتجلى أهمية الخيال حينما نرى كيف يبدع الشاعر في تصوير مشاهد مالوفة في حياتنا ، قد اعتدنا على رؤيتها ، لكن الشاعر يبث فيها الحياة والحركة ، ويتخيلها على نحو فيه إثارة وطرافة . والشعر الذي يخلو من الخيال يعد شعراً قليل التأثير في النفوس .
جوانب دراسة الخيال :
1. صحة الخيال : إن المقياس في صحة الخيال مردُّه إلى الذوق الأدبي ، وليس كل خيال يمكن أن نسلكه في عداد الصورة الأدبية ، إذ إن من الخيال ما يكون كحلم النائم لا يستند إلى واقع ، مما يعد ضرباً من الوهم .
2. نوع الخيال :
a. الصورة الخيالية البسيطة : وهي الصورة الأدبية التي تمثل مشهداً محدداً لموقف من المواقف ، أو معنى من المعاني التي يريد الشاعر تصويرها ، وأكثر الخيال الشعري عند العرب يميل إلى هذا النوع من الصور ، ويرجع ذلك إلى حب العربي للفكرة وحرصه عليها مما يبعده عن الإغراق في الخيال والمبالغة فيه .
b. الصورة الخيالية المركبة : وهي مجموعة من الصور الخيالية المركبة تعطي مشاهد متعاقبة ، يرتبط بعضها ببعض ، وتتكامل عناصرها ، فيغدو المشهد مؤثراً كأنما يرى الإنسان من خلاله حقيقة الشيء ، لا خياله .
رابعاً / مقاييس نقد الأسلوب :
الأسلوب / يتمثل في البناء اللغوي للشعر من حيث اختيار المفردات ، وصياغة التراكيب ، وموسيقى الشعر .
1. نقد المفردات :
a. سلامة الكلمة من الغرابة : فصاحة الكلمة تتحقق بخلوها من العيوب التي تصيب الكلمة .
b. إيحاء الكلمة : حسن اختيار الكلمات ، تلقي ظلالاً وتداعيات ، لذا يختارها الشاعر قصداً ليفيد مما توحيه معاني متعددة تكسب الشعر آفاقاً رحبة . والنص الشعري الذي يكون موضوعه التفاؤل والأمل ، فإن كلماته تبدو مشعة موحية بالأمل والإشراق والبهجة ، أما النصوص التي تدور حول موضوع التشاؤم ، فإن مفرداته توحي بالضياع والحزن والألم .
c. دقة استعمال الكلمة : على الشاعر أن يجد في البحث عن الكلمات التي تناسب المقام ، وأن تكون استعمالاته للمفردات استعمالات متقنة ، يتجلى فيها جهد رائع في حسن استخدام الكلمة .
2. نقد التراكيب :
تدرس التراكيب في الشعر لمعرفة خصائصها ، ومميزاتها من حيث الجزالة والسهولة .
a. الأسلوب الجزل : هو ما كان قوياً غير مستكره ولا ركيك ، ويحدده النقاد بأنه الأسلوب الذي تسمعه العامة ، ويعرفونه لكنهم لا يستعملونه في أحاديثهم . ومن أبرز سمات الأسلوب الجزل : قوة الكلمات ، وقصر الجمل ، وغلبة الإيجاز فيه على الإطناب ، واتصافه بالفخامة التي تجعله في مستوى عال ٍ من القول .
b. الأسلوب السهل : وهو ما ارتفعت ألفاظه عن ألفاظ العامة ، وخلا من اللفظ الغريب الذي يحتاج إلى بيان وتفسير ، وهذا النوع من الأساليب مما يمكن أن يوصف بالسهل الممتنع ، فهو مع قربه وسهولته إلا أن إبداعه وإنشاءه ليس بالأمر الهين .
3. نقد موسيقا الشعر :
تعد موسيقى الشعر الخاصية البارزة ، والعلامة الفارقة بينها وبين النثر ، وهي النغم الشجي الذي تصاغ فيه المعاني فيحيلها إلى نشيد عذب .
a. الوزن الشعري : يراد به البحر الشعري الذي صيغت عليه القصيدة . ويرى النقاد أن ثمة علاقة بين موضوع القصيدة وغرضها من جهة ، وبين الوزن الشعري الذي بنى عليه الشاعر قصيدته من جهة أخرى ، فالبحور ذوات التفعيلات الطويلة أو الكثيرة ، تصلح غالباً للموضوعات الحماسية ونحوها ، كما أن البحور الخفيفة تصلح لغرض الغزل ونحوه ، وهي علاقة ظاهرة لكنها لا تمثل قاعدة مطردة .
b. القافية : اختيار القافية وإيقاعها وحرفها المميز ، يمثل مستوى إبداعياً يجعله الناقد مجالاً من مجالات الحكم على الشعر .
c. الموسيقا الداخلية : وهي نغم خاص تمتاز به القصيدة ، بسبب نجاح الشاعر في اختيار المفردات ، وترتبيها وفق نسق خاص ، وما يتبع ذلك من حركات الإعراب ، والمد ، والإمالة ، والتفخيم ، وفنون البديع اللفظي المتعددة . ومن ذلك نلحظ الفرق الكبير بين سطر النثر ، وبيت الشعر ، فالسطر الواحد في نص نثري يمتاز بتتابع الفكرة واطرادها حتى تتضح للقارئ ، أما البيت الشعر فيقتضي تصرف الشاعر بتقديم وتأخير ، أو حذف ، أو تكرار ، وذلك للمحافظة على الاتساق الصوتي المطلوب .