ترتيب الطفل بين إخوته.. يؤثر في شخصيته
ترتيب الطفل بين إخوته في الميلاد أصبح الآن من المتغيرات الأسرية الجوهرية التي تجذب اهتمام الباحثين باعتبارها أحد العوامل التي تؤثر في شخصية الطفل.. البعض يعتقد أن الأطفال في الأسرة الواحدة يعيشون في بيئة واحدة, ولكن الأمر غير ذلك, فترتيب الطفل في الأسرة يجعل لكل منهم بيئة سيكولوجية مختلفة عن بيئة الآخر.. وهذا التباين في البيئات يأتي من أن التفاعل بين الوالدين خاصة الأم وكل ابن من أبنائها يختلف حسب موقعه بالنسبة لها .فتفاعلها مع الطفل الأول ليس كتفاعلها مع الطفل الأوسط, وتفاعلها من الأوسط ليس كتفاعلها مع الأخير.. كذلك فإن الطفل الوحيد له بيئة سيكولوجية تختلف عن بيئة الأطفال الآخرين من ذوي الأشقاء, كما أن للطفل الذكر وسط مجموعة من الأخوات الإناث, وضعا خاصا مميزا وكذلك البنت وسط مجموعة من الإخوة الذكور.الطفل الأول أو الأكبر يأخذ قدرا أكبر من الاهتمام ومن التدليل, ولهذا الطفل وضع فريد فهو يظل الملك المتوج علي عرش الأسرة في الفترة التي يكون فها وحيد والديه, ثم يتعرض للإبعاد عن العرش عند ولادة الطفل الثاني. فنجده يحاول أن يستعيد انتباه ورعاية والديه بشتى الأساليب التي قد تكون أساليب عدوانية أو استعطافية لأنه يحارب من أجل استعادة حب الأم واهتمامها.. والطفل الأكبر يشارك فيما بعد في مسئوليات الأسرة التربوية ـ خاصة لو كانت أنثي ـ كأن تساعد في تربية إخوتها ـ ويلعب هذا الطفل الأكبر دورا شبيها بدور الوالد أو الوالدة, وبعضهم تتولد لديه قدرة جيدة علي القيادة والتنظيم.. إن الابن الأكبر غالبا ما يفضل الوالد.. ويحن دائما إلي الماضي ويشيد بالأحداث والمواقف التي حدثت فيه, ويشعر بمسحة من التشاؤم إزاء المستقبل.. وهو يقدر قيمة السلطة والقوة أكثر من بقية إخوته..والطفل الأول يشكل أكبر نسبة من أطفال المشاكل يليه في ذلك الطفل الأصغر..ـ أما الطفل الثاني, فإنه في موقف مختلف, إذ يشاركه آخر منذ البداية في اهتمام والديه.. لذا هو أقرب إلي التعاون من الابن الأكبر.. والطفل الثاني في مركز ممتاز, إذا لم يشن عليه الطفل الأول حربا محاولا دفعه إلي الوراء.. وهذا الطفل يتصرف أحيانا كما لو كان في سباق أو في مباراة ويجد لديه رغبة في بعض الحالات لأن يتخطي أخاه الأكبر والطفل الثاني غالبا ما يكون أكثر نجاحا في الحياة العملية من أخيه الأكبر أن الطفل الأكبر غالبا ما يحلم بالسقوط فهو في القمة ويخشي أن يفقد مركزه أما الطفل الثالث فيحلم أنه يجري وراء قطار أو كأنه في سباق للدراجات.. أن تحليل أحلام الطفل كافية للتخمين بمركزه وترتيبه في الأسرة, وأن الطفل الثاني يشعر بالحسد أحيانا ويخاف من التجاهل والإهمال أكثر من غيره, ووضعه في الأسرة يجعله أقدر في المستقبل علي تحمل القيادة أو الرئاسة الصارمة, كما يجعله يؤمن بأنه ليست هناك في العالم قوة لا يمكن قهرها أو إزاحتها.
** وبالنسبة للطفل الأصغر: فهو يتميز بأن مركزه ثابت في الأسرة وهو المدلل من الجميع, ولا يخشي أن يفقد هذا التدليل كما حدث مع الطفل الأول.. ولكنه كثيرا ما يعاني من مشاعر قوية بالنقص أو الدونية, فهو دائما يوجد في بيئة تضم كبارا أكثر قوة وأوسع تجربة.. لذا فهو قد يعاني مشكلات عديدة, ويأتي بعد الطفل الأول في نسبة أطفال المشاكل.
والطفل الوحيد: هو مشكلة فيحد ذاته.. فهو هدف لتدليل أمه التي تخاف أن تفقده وتحيطه برعاية زائدة, حتى أنه يتعود أن يكون دائما في بؤرة الاهتمام.. ومكمن الخطورة لهذا الطفل أنه ينمو في بيئة محددة, وأن تفاعله دائما مع الأفراد الكبار فقط فهو محروم من التفاعل الاجتماعي مع أطفال من سنه, خاصة قبل سن المدرسة..أن الفترة الزمنية التي تفصل بين الطفل ومن يكبره أو من يصغره لها علاقة أيضا بمعني الترتيب ومغزاه, بمعني أن الطفل الأوسط قد يصبح مثلا طفلا أكبر إذا كان يفصله عن أخيه الأكبر عدد كبير من السنين, بينما يصبح الأكبر وحيدا في هذه الحال.. وقد يصبح الأصغر أيضا وحيدا إذا كان إخوته يكبرونه بفترة زمنية طويلة, ومما يذكر أن الفترة الزمنية بين ولادة طفل وآخر التي يمكن أن تغير هذا الترتيب.. يقدرها الباحثون بست سنوات أي مرحلة سيكولوجية كاملة من مراحل النمو.. بالإضافة إلى أن أوضاع الأسرة وإمكاناتها الاقتصادية ومكانتها الاجتماعية قد تختلف بالنسبة لكل طفل في المراحل الحاسمة من نموه من ناحية أعمار الوالدين, وتصبح أيضا أحد عوامل التأثير الأسري على الطفل